07‏/08‏/2011

حبات ثلاث





          -1-        
أنوح كصحراء متوعّكة،
لم أجد حلماً يصلني بالماء.
أودعت جسدي للريح
وتثاءبت كتلة قصائد بلا عنوان.
جميلةٌ أمسياتي من دون رجال،
لا حبل سرّة يربطني بأرض
ولا بحر يسعني لكثرة ملوحتي.

        -2-       
أنقش أياماً بمشاهد مركّبة
ومساءات على شكل غيمة
تمطر أحلاماً لمواسم البكاء.
في ذاكرتي أكدّس أشكالاً عفوية:  
غصن على شكل منزل، ظل إله
وقبائل تطوف حول حجر،
عينٌ وامرأةٌ وعشب
ثم أمنية على شكل فنجان.

       -3-      
أشتهي مطر المساء قبلةً
لم أذق طعمها منذ العشاء السري.
ملكة في قصر إسبانيّ
أجعل من الأجساد بساطاً.
امرأةٌ من دخان
لم يمسّني رجلٌ
فقدت طفلة ومدينة من سراب. 

22‏/06‏/2011

أشياء نفقدها مع الوقت



أشياء كثيرة نفقدها مع الوقت، كوجه يرمقنا بابتسامة طفيفة  متناسياً عدد المرات التي أخطأنا فيها،  صوت يدنو منا ليهمس "لا بأس، كل شيء سيكون بخير".

أشياء كثيرة كرسائل نحرسها بوسادة، وهفوات نتخلى عن تعدادها. كصور نرفعها إلى حيث الشمس، وفضاء لا يتسع لأسمائنا، ككلام يزاحم الوقت على الحلم، وضحكات مزروعة تحت مسامنا.


أشياء مثل قدرتنا على التحكم بوجع طفيف ولون وجهنا عندما نخجل. مثل صور مخزنة في علب من الرغبة، ليل، عينين، دخان صمت وقبلة مسروقة من قلب تعطّل فجأة.

أشياء كثيرة نفقدها مع الوقت، امرأة ترى الحياة على شكل مساء، جسد يطفو برقة، لحظات تسمى سعادة، مسام تليق بنا أكثر من رائحتنا، أصدقاء سرّيون وضفدع نحلم به رجلاً. 

06‏/06‏/2011

ضجر





Salvador  Dali





الشمس مصابة بتوحد،
أتصيّد نهاراً على غفلة،
أخيطه قبلة.

يملؤني ضجر عدائي
يطفو في فمي
ويقحمني في عزلة.

ضجرٌ يقرع في العظام
كجرس يخدش الحلم
يجرّده من المعنى.

أتسلّق الوقت
بيوم ممتلئ حتى الثلث
وكثير من العادات.

أتفقد تفسّخ لوني
ثمة ظل عابر،
كم هو كثيفٌ هذا الانهماك.

ضجرٌ لا يعيبه شيء
مفرط في قبوعه،
بسرور عظيم.

أصابعي جرّبت الحب
حتى تكلّس ملحه
على بشرة مجعّدة. 
بين شقوقها لم يبق إلا 
ضجر وضجر 
وضجر... 


مهداة إلى سمر .. صديقتي التي حبست نفسها في قارورة من بكاء


16‏/05‏/2011

طقوس




أعلّق المدينة على عنقي
أشتري مارة لأرصفتي
وصيفاً لا يكترث.

أقشّر الليل
لرجال بخشونة الملح
يمرّون بين أسناني
أتزوج بهم،
وأضجر.

في أحشائي ذباب
دبوس أزرق وعين
بقعة على الفستان.

كـطفلة مذبوحة،
ألوي كاحلي وأنتظر
أكواماً من حليقي الرؤوس
يتحلّقون حولي ويرتّلون.

13‏/04‏/2011

العتمة اشهى



كيف أكتب
وأصابعي مسامير.

ضجري رجل مكحّل
نحتّه بالحب
لففته حول خاصرتي
ورقصت.

مسائي مركّب
بطريقة بدائية،
أغفو مع الشمس
ليستيقظ نصفي
....

ما قبل الثلاثين بقبلة
والعتمة أشهى.
عيناي متصدّعتان
بينهما ينام عصفور
أنهكه التحليق.

في مرآتي خفاش
يغيظه بياض عنقي
يعبرني متأرجحاً
كقنديل أرهقته الريح
وغفا. 

12‏/11‏/2010

لا بد من غياب





لا بد من غياب
لتعرف أنك ارتكبت الألم
والليل حوت يبتلع الأحلام،
لتتأكد أنك تحب كما تتنفس
وتموت ستين في الدقيقة.

لا بد من غياب
ليُلوى عنق المرآة
ويصحو صخب الوحدة،
لتخجل حتى حدود الخزي
وتكتب ندمك وصية.

لا بد من غياب
لتصرّ على اسمك الثلاثي
وتنسى موعد المسكنات.
لتتدثر بمسام مركّبة
كي لا يتعفن حزنك.

لا بد من يدين طابقتين على قلب
من وحدة موجعة، من أرق.
لا بد من فراغ بنكهة سيئة،
لتتأكد أنك قبيح جداً كي تحبّ. 

28‏/09‏/2010

أشبه أيلول


وحلّت حياة بيننا، لم نعد أطفالاً ننظر إلى المباني الشاهقة بذهول المكتشفين، كبرنا حتى الاهتراء، حتى آخر رشفة من الكأس. أحدنا يحصد الوقت عن أرصفة الأيام، والآخر بعيد في زنزانة على شكل غرفة، يأتي بالوقت ليسكنه أخطاءه ويشدّ حزام الملل على الخاصرة. غريب أن نقترف الحب على مقعد متهالك، كمن يقرأ الصحف الصباحية. نفكك خيوط الضوء لنملأ مربعات الانتظار، ثمّة حقيقة عالقة، لسنا قادرين على ابتلاعها.

في داخلي مدينة تضج بالزحام، والقلب يختنق. هزيلة من كثرة الحزن، أترنّح كجبل مستوحد، أعوم في مستنقع كطحالب فقيرة من دون دفء، تحرسني قوافل العتمة. مساءً أخبرتني أنك توقفت عن كونِك أنت، فصمتّ، وتركت روحي تتسرب عبر ممرات الذاكرة الوعرة، وفي الصباح ألصقت وجهك بالشمس ثم جلست أتنشق رائحة الاحتراق. أنا عابرة كحلم انتهى، أملأ ثقوبي بتفاصيل نادمة.

حياة لم يخدشها شيء، قلم، قصيدة، عنوان، رجل على شكل إله، وامرأة يبهرها كل ما فيه. اليوم أصبحت علبة فارغة: هل تحبّ لون شعري، طلاء أظافري، فستاني المشقوق عن الصدر، جسدي الذي أصبح نحيلاً؟ أصبحتُ مخملية، أهتم برائحة عطرك والقميص الذي ترتديه. أردت تنورة مثيرة تفضح الوركين وأحمر شفاه.

حياة كخطى مسرعة، كعاصمة متأهبة. لا تلتفت إلى حب سقط في أحد شوارعها ولم ينتبه أحد إليه.