12‏/11‏/2010

لا بد من غياب





لا بد من غياب
لتعرف أنك ارتكبت الألم
والليل حوت يبتلع الأحلام،
لتتأكد أنك تحب كما تتنفس
وتموت ستين في الدقيقة.

لا بد من غياب
ليُلوى عنق المرآة
ويصحو صخب الوحدة،
لتخجل حتى حدود الخزي
وتكتب ندمك وصية.

لا بد من غياب
لتصرّ على اسمك الثلاثي
وتنسى موعد المسكنات.
لتتدثر بمسام مركّبة
كي لا يتعفن حزنك.

لا بد من يدين طابقتين على قلب
من وحدة موجعة، من أرق.
لا بد من فراغ بنكهة سيئة،
لتتأكد أنك قبيح جداً كي تحبّ. 

28‏/09‏/2010

أشبه أيلول


وحلّت حياة بيننا، لم نعد أطفالاً ننظر إلى المباني الشاهقة بذهول المكتشفين، كبرنا حتى الاهتراء، حتى آخر رشفة من الكأس. أحدنا يحصد الوقت عن أرصفة الأيام، والآخر بعيد في زنزانة على شكل غرفة، يأتي بالوقت ليسكنه أخطاءه ويشدّ حزام الملل على الخاصرة. غريب أن نقترف الحب على مقعد متهالك، كمن يقرأ الصحف الصباحية. نفكك خيوط الضوء لنملأ مربعات الانتظار، ثمّة حقيقة عالقة، لسنا قادرين على ابتلاعها.

في داخلي مدينة تضج بالزحام، والقلب يختنق. هزيلة من كثرة الحزن، أترنّح كجبل مستوحد، أعوم في مستنقع كطحالب فقيرة من دون دفء، تحرسني قوافل العتمة. مساءً أخبرتني أنك توقفت عن كونِك أنت، فصمتّ، وتركت روحي تتسرب عبر ممرات الذاكرة الوعرة، وفي الصباح ألصقت وجهك بالشمس ثم جلست أتنشق رائحة الاحتراق. أنا عابرة كحلم انتهى، أملأ ثقوبي بتفاصيل نادمة.

حياة لم يخدشها شيء، قلم، قصيدة، عنوان، رجل على شكل إله، وامرأة يبهرها كل ما فيه. اليوم أصبحت علبة فارغة: هل تحبّ لون شعري، طلاء أظافري، فستاني المشقوق عن الصدر، جسدي الذي أصبح نحيلاً؟ أصبحتُ مخملية، أهتم برائحة عطرك والقميص الذي ترتديه. أردت تنورة مثيرة تفضح الوركين وأحمر شفاه.

حياة كخطى مسرعة، كعاصمة متأهبة. لا تلتفت إلى حب سقط في أحد شوارعها ولم ينتبه أحد إليه.


07‏/09‏/2010

لقطات مشرّدة



 ثمة رجل هناك
في زاوية هذا الحلم تحديداً
قابع مثل حجر المقبرة
له رائحة الخوف عندما ييبس
بارد مثل سنوات الوحدة.

27‏/08‏/2010

حالات متأنقة



ثقيلة
كخرقة مسحت نهراً من الدموع
كوجه أبي الأسمر عندما يغضب
كأحمر تكتل فوق الشفاه منذ عصور.
متعبة
كصمت أثقله الذنب فانهمر
كقلب أخي الذي يحتاج إلى رتق
كليل لم ينم منذ علاقتين ونيّف.
عادية
كرجل هدّه الشيب من الانتظار
كامرأة أنجبت كومة من الأطفال
كجدّة تخطئ في أسماء أحفادها.
مريضة
كطفولة فقدت صديقها السرّي
كلغة نحلت من قلّة المعاني
كدم يفتقر إلى لون من شدة الإعياء.
فارغة
كيوم لم يسمع “صباح الخير”
كمذيعة لم تمرر خبراً عن مجزرة
كحائط كثرت شقوقه فأصبح هواء.
عاشقة
ككل هذه الحالات المتأنقة

07‏/08‏/2010

على قيد الحب





نهار بارد يصل إلى القاع
نظرات متصدعة وانتظار
أتخيلك وأمطر انحناءات
ما زلتُ على قيد الحب
وأنت لي وقت وصلاة.


28‏/07‏/2010

عبور

Woman at the window- Salvador Dali

أنقذني .. من ضوء ينهار أمامي
فأنا منذ عرفتك أعزف المساء.
إجمع لحظاتي وانثرني سراباً،
واقطف شفتيك ماساً يزيّن عنقي.

18‏/07‏/2010

تشبيه


كحلم يخاف من خيبة
كصورة تختنق في الإطار
كجبين لم يمسّ بقبلة بعد
كجسدي عندما أسقط...

كامرأة تحسد ابنتها
كجسد يغتاظ من الجفاف
كلقاء يبس من الانتظار
كصوتي عندما أنوح...

كمقعد اتكأ على رجل مخمور
كضوء يخاف اقتراب فراشة
كاسم نسي كيف يُكتب
كلوني عندما أخسر..

كجسر علّق على صدفة
كمساء يشهق وحدةً
كرجل نُعت بالمغفل وبكى
كعينيّ عندما أحزن...  

09‏/07‏/2010

ليس دفاعاً عن أوكتافيا





ربما وصلتُ متأخرة لكن هناك دائماً ما يقال، لا أجيد رفع الشعارات ولا أحمل ثاراً شخصياً كل ما في الأمر أنني أجد نفسي معنية بما حصل مع السيدة أوكتافيا نصر. كثيرون كتبوا عنها وربما سيأتي آخرون وأتمنى ألا يتوقف ذلك. القصة أصبحت معروفة، بدأت برسالة، تلاها اعتذار يليق بامرأة تعرف متى تخطئ وانتهت بقمع رافقه أسخف أنواع الصفات .. هل يهم أن نذكر تفاصيل؟ القصة انتهت بطرد امرأة أمضت عشرين سنة في قناة إخبارية تصدّر حرية الرأي إلى العالم.   

لماذا أكتب عن أوكتافيا بالذات، لا يوجد معرفة قديمة أو عميقة ولكنني أتشارك معها الكثير، فأنا امرأة ولبنانية ومن هذا الشرق الأوسط الذي يغصّ بالصراعات، أتواصل بالكلمة وأطمح أن أشكل قضية في يوم ما. لا أملك إلا كلمة وسأرفعها عالياً فغداً قد يأتي أحدهم ليشطب وجودي هكذا بمعتقداته البالية. قد يتهمني بالتطرّف، المعاداة لأي جنس يريد، قد يقتحم عالمي ليقذف فيه عباراته الرخيصة ويرحل فهو الأقوى في عالم يضجّ بالدناءة.

أوكتافيا نصر لم تعد مجرد امرأة عابرة، أصبحت فكرة عميقة والأفكار الحقّة لا تقتل، بل تضرب في الأعماق وتتجذر . 



07‏/07‏/2010

اعترافات مؤنثة


  
-1-

أدجن حياتي لتليق بك،
بظلّك الذي يستيقظ مساءً
كوحش مفتعل.

حياة كوجع متقطع،
كرمّانة فُرطت لكثرة حمرتها.

أثور بأسماء حظيتُ بها عن جدارة
لشدة جهلي، لقلّة الضوء في أمسياتي.

الوقت ولد شقيّ يتعبني
أشياء كثيرة تحدث على غفلة،
كحبّك مثلاً.

أرخي الساعات وأستلقي،
لست سوى غيرة قابعة
لا تجيد التحليق عالياً.

الحلم تمهيد لمطر غزير
سيستيقظ صباحاً،
على شيء من الجنون.

وراء الباب تنهيدة
وامرأة تبتسم، لكَ طبعاً
لظلّك الذي يحرّض على الحياة.
-2-

لا تطوي وجهك كلما عبرت قصيدة،
خلف النوافذ المعلّقة متّسع لامرأة تتمرّى أمام عينيك.

العازف الذي صرتَه جفف الملح في صوتي،
هل تظن أن الفراشة تطير فرحاً؟

يجيء النوم على شكل عينيك
يؤرقني ببريقه ويذهب.

كم أختنقُ دهشة كلما مررت.

أنتزعُ وجهي وأرميه في مائك
علني أصنع دوائر تمحي الحزن.

بين قبلة وضحاها أصبحتَ سكّراً
والشاي يعرّي الشهوة المكتومة.

هشّ جسدٌ لم تعبره بنظرتك
تقطف ياسمين الذاكرة
تخلله لمواسم الوحدة.

وردتي سمراء تصلح لرثاء مسائي
فكّ حدادي.. إنني أتألم.
___________________________
كاتبة من لبنان
الصورة من فيلم "نسخة طبق الأصل Certified Copy" لعباس كياروستامي
*****
خاص بأوكسجين

25‏/06‏/2010

جميل أنت .. أحبك


أحاصرك بالجيم كمن يقفل ذاكرته
وأنهمر بالميم رذاذاً فوق بشرتك.
للياء رائحة الياسمين المعتق
واللام خجولة تتمدد وتعلنك "جميل".


أرسم ألفاً ممدودة حول معصمك
أترك النون تتدلى بغنج لتلفحك،
وأنهي القصيدة بتاء تسكنك أنت.


أستعيد الألف وأعلّقها ابتسامة
بالحاء أحنو عليك وأهمس اسمي،
أختار الباء وأبقيك في القلب
فتأتي الكاف لتنتهي بـأحبك. 

20‏/06‏/2010

إلى كل أب في يومه هذا ...


www.flickr.com/photos/enigmaphotos/490363805   





أبي سماء على شكل رجل


عندما يحزن يشبه الملائكة


عندما يبتسم تغار القداسة من طيبته


لأنني في قلبه تعرّفت لأول مرة إلى ضحكة الله


كل عام وأنت أبي 






هذه السطور أهداها أحد الأصدقاء إلى والده، لشدة ما كانت مؤثرة احتفظت بها. اليوم لم أجد قصيدة أجمل منها لأخبر ابي كم أحبه.

07‏/06‏/2010

سأستيقظ يوماً

                                                                                

سأستيقظ

سأستيقظ يوماً وأجد
صورتي خُلعت عن الحائط.
دميتي مقطوعة الرأس
وسريري بارداً من الإنتظار.

سأجد حلمي مصلوباً
وداخلي محشوّاً بالألم.
عيناي بريقٌ زجاجيٌ
وذاكرتي محفورة بالأخطاء.

سأجد لحظاتي متناثرة
وحبي مرمياً على الرصيف.
قصائدي حطب مدفأة
وكلماتي صلاة اعتذار.

سأستيقظ يوماً وأجد
جسدي معلّقاً كعنقود يابس.
حزني بطعم الخبزٌ ليومي
وبقاياي صرخة جائعة.

سأجد العالم حولي نقطة
وأنت، ثابت لا تتحول.
صانع الوقت واللحظات
رجل أوحد لامرأة أخيرة.



22‏/05‏/2010

من وخز ريش الوسادة - O2 Facebookers





في الصورة امرأة على شكل صليب، حارقة كخطيئة، تمتص لوني وتشتم.

امرأة بيضاء مثل جدتي، لها وجه أمي عندما تعبس وعاصفة كضحكة أختي.

أهذي عن طائر لعنني وهرب، تاركاً ندبة أعلى العنق خبّأتها بخصل شعري. 

في منتصف الدائرة وقفت أرتجي المساء أن يمحو ملامحي، أن يبتلعني.

المرأة بعيداً تسخر مني، تتمتم عالياً تعويذة القبيلة التي أتت منها، 

تصنع من الطائر قلادة تلتف حول عنقي. 

الطائر، الندبة، وعشرة أصابع تخنقني.