

في ما يلي باقة من آراء شابة تترجم الواقع المسيحي بشكل عام بأبرز تياراته وتوجهاته. شعور بالحقوق والمشاركة والتعبير عن الرأي. 7 حزيران ساحة لتصفيةً حسابات تخمرّت سنوات أربع. لُقنوا أن الشباب يصنعون وطناً وإذا لم يشاركوا سيفوز الآخر- ودائماً هناك آخر يجب مجابهته- لذلك قرروا المشاركة ليؤكّد كلّ طرف أن فريقه هو "الأصح".
من اختار 14 آذار مقتنع أن صوته سيمنع عودة السوريين وأنه لا يجب ان يكون هناك سلاح خارج إطار الدولة الشرعية وبأنه قد آن الأوان ليدخل "حزب الله" الى كنف الدولة. دولة لا تكون ألعوبة بين أيدي المحور الإيراني-السوري.
ومن سيصوّت لفريق 8 آذار شعاره المشاركة ومحاربة الفساد وتغيير الوضع الحالي، تأمين السلم الأهلي والتأكيد على أهمية المقاومة في وجه المشروع الأميركي.
حزبان في مواجهة تيارين. شبان منتمون إلى حزبَيْ "الكتائب" و"القوات اللبنانية".. وتيارَيْ "الوطني الحر" و"المردة يخبرون عن سبب مشاركتهم في هذه الإنتخابات والهدف من هذه المعركة المقبلة.
اتفق أنصار كل فريق على أن الربح سيكون من نصيب فريقهم، واختلفوا على كل ما تبقى. اختلفوا على لبنان والمشروع والحكم والشهيد والعدو والأهداف. خطابهم نسخة شابة عن شعارات قادتهم، شعارات تكررت كثيراً في زحمة العناوين الانتخابية، صورة مجتزأة مما يسمى بالشارع المسيحي، هذا الشارع الذي يشبه الفسيفساء المفككة من كثرة الإنقسام.

الشباب "القواتي" و"الكتائبي" يشدد كثيراً على مسألة الشهادة، فهي السبب الأقوى لحمله إلى صناديق الإقتراع والتصويت "وفاءً للذين سقطوا" من نواب ورجالات وقادة. ولأن إنجازات ونضالات هؤلاء لا يمكن أن تذهب سدى، يجب أن تكون المشاركة كثيفة كي "لا يُقتل الشهيد مرة ثانية بالنكران". مفعمون بفكرة تثبيت وجودهم المسيحي، فهذا الشاب "الكتائبي" نما وكبر على تاريخ حزبي عريق حتى لو كان في ظلال الماضي إلا أنه "مرصّع بالتضحيات واستمر حتى موت بيار الجميل وأنطوان غانم"، صورة ثابتة في مخيلته. صورة من دافع عن الوجود المسيحي وصدّ كل المشاريع والمحاولات التي سعت إلى تذويب لبنان في محيطه. أما الشاب "القواتي" فقد شارك في الدفاع عن مسيحيي لبنان، كما يؤكد، وتحمّل قائده 11 سنة من السجن وها هو الآن يستعيد أنفاسه، والمرة الأولى التي يشارك فيها الحزب في انتخابات نيابية بعد أفول عهد الوصاية.
والجديد في هذه الإنتخابات بالنسبة إلى هؤلاء، أنها ستأتي بنواب شباب يضيفون ديناميكية يحتاجها المجلس النيابي. أسماء لم تسقط بمظلة على الحياة السياسية بل لها تاريخ عريق ومعروف من النضال السياسي الشبابي. ولا يبالغون بوصفهم هذه الانتخابات بالمصيرية لأنها ستحدد كيف يرى الشعب المسيحي مستقبله ضمن مشروع الدولة، مقابل ساحة الصراعات الإقليمية. كل صوت يقترع للوائح 14 آذار هو ضد عودة الهيمنة السورية أو أي مشروع وصاية مستقبلي، وضد منطق الخوارج عن الدولة والوطن.

لماذا هذا الفريق وليس غيره؟ "الكتائبي" يرفع شعار الوجدان المسيحي و"القواتي" يشدد على الخيارات الصلبة، كلاهما راضيان بالتحالفات الثابتة والمرحلية، فالثوابت لا اعتراض أبداً عليها لأنها تدخل ضمن الخط السيادي نفسه، أما بعض التحالفات الانتخابية فتبقى مرحلية بما يخدم مصلحة فريقهم السياسي. مقتنعون إلى أبعد الحدود بحزبيتهم وبالمواقف التكتيكية التي يقررها الحزب رغم الاعتراض أحياناً على بعض المسائل، لكنهم يعزون النفس بأن لا بديل آخر في الوضع الحالي لإعادة الوهج المسيحي كما كان سابقاً. الشارع المسيحي منقسم، وهذا دليل عافية بشكل عام، لكنه ظاهرة مرضية في لبنان الاستثنائي حيث الطائفية نواة الحياة السياسية، لذلك يعتبرون أنه على المسيحي أن يكون موحداً وراء بكركي والمرجعيات الروحية. في السابق كان المسيحيون رغم انقسامهم يدورون في الفلك السياسي نفسه، اليوم هناك من يرى أن بعض الأحزاب المسيحية متجهة خارج مسارها الطبيعي.. خارج السرب السيادي.

في هذا النسيج من يختار 14 آذار لعناوين عامة وعريضة من دون الدخول في الحسابات الفرعية الضيقة، هؤلاء الشبان مقتنعون أن صوتهم سيواجه أطماع السوريين واستخدام "حزب لله" للسلاح من دون الرجوع الى الدولة. يرى هذا الطرف في لبنان بلد الانفتاح والديمقراطية. هذه العناوين ستحافظ على وجه لبنان وستثبت الوجود المسيحي وثقافته في ظل تراجع عددي وسيطرة للمحيط الإسلامي. يحمّلون سياسة رئيس "التيار الوطني الحر" العماد ميشال عون مسؤولية الانقسام في الشارع المسيحي. وتحت الشعار الذي ينسبونه له "أنا أو لا أحد" اتسعت الهوة، كثرت الحساسيات ضمن الطائفة وصولا إلى التعرض الكنيسة.

الانتخاب عند شباب "التيار الوطني الحر" هو اختيار "الصح" ضد مشروع 14 آذار "الفاسد والإقطاعية والعائلات التقليدية، والأهم من ذلك أن هذه المعركة تدور حول إدارة البلد وتطبيق الإصلاح". فهذا الطاقم الحاكم، كما يراه شباب "التيار"، طبّق سياسات "أثبتت فشلها وحان الوقت لإعادة الأمور إلى نصابها". نوابهم سيحملون "التغيير" الذي طالما حلموا به، وعندما يحصلون على الأكثرية لن يتمكن أحد من عرقلتهم، سيعلنون جمهوريتهم الثالثة ويقفون "ضد الهيمنة الأميركية والمشروع الشرق-أوسطي الذي ما زال يحلّق في أحلام الإدارة الأميركية"، كما يقولون. انتخابات 2009 مهمة جداً عندهم لأنها "ستثبت مجدداً من الأقوى على الساحة المسيحية ومن يملك قرار الأغلبية".
كثر في "التيار الوطني الحر" تهمهم الهوية المسيحية، ورغم أن هذا التيار علماني بتركيبته، إلا أنه اتجه مؤخراً إلى مصطلح "المشرقية المسيحية". يرى هؤلاء الشباب، بعد زيارة عون إلى سوريا، أن "الثوابت المسيحية تقضي باتخاذ الخيار الصحيح في كل المراحل، وهذا ما يفعله الجنرال دائماً" حسب رأيهم، وأبرزه كان "التفاهم مع حزب الله الذي أمّن السلم الأهلي"... "فريق يملك السلاح في وجه آخر أعزل، فجاءت ورقة التفاهم لتقدم توازناً حمى المسيحيين".
هناك اقتناع قوي لدى الأوساط الشبابية بأن هذا التحالف "لن يتأثر انتخابياً وسيبقى متيناً" في بلد تنخره الهشاشة في المبادئ والتحالفات. فأن يكون المسيحيون نقطة تواصل، ذلك يجعل منهم سدّا أمام أي فتنة مذهبية يسهل وقوعها في بلد الاتجاهات المتعددة. "إنقسام المسيحيين بين معارضة و14 آذار منع الفتنة بين اللبنانيين"، حسب اعتقادهم، وهذا شيء طبيعي في كل البلدان، وكان الحاجز الأمتن لإبعاد الحرب الأهلية.

لزغرتا خصوصيتها المارونية، وتيار "المردة" متمسك بمعركته "التاريخية"، فالتحالفات قديمة ومبنية على وجهات نظر مشتركة، أما الحديث منها فيخدم المصالح الإنتخابية. "البيك يعرف ماذا يفعل، هو سليمان فرنجية الثابت في مواقفه، يؤمن الخدمات الإنمائية للمنطقة ويواجه المد السلفي المتسلل من المناطق المحيطة". بحسب تعبير شباب المردة الذي يرى أن "هجمة الإسلاميين المتشددين تحتاج إلى من يقف في وجهها ويصدّها عبر الدفاع عن الموارنة، لأن ذلك السبيل الوحيد لخلاص البلد الطائفي، ولأن تيار المستقبل يريد أن يخطف الهوية السياسية للشعب اللبناني عبر المال الانتخابي، فليعرف أن هناك من يقف في وجهه".

اختاروا خط ميشال عون لأنه "ليس طائفياً والأكثر نضجاً على الساحة السياسية" حسب رأيهم، ويعتقدون أن تفاهمه مع "حزب الله" قرّب كل مسيحي غير متطرّف منه. هؤلاء لا ينطلقون من مسيحيتهم، بل من زاوية حشروا فيها، هم مصنفون كذلك وعليهم إيجاد الوجه الأقرب إلى العلمانية. مسألة الوجود المسيحي معركة قديمة بالنسبة إليهم، لا تمثل خط الدفاع الأول. يتمسكون بشعار "أنا لا أدافع عن إلهي بل هو يدافع عني" ويرفضون الانخراط بلعبة الدفاع عن الوجود. ولأنهم يرفضون سياسة مسيحيي 14 آذار سيصوّتون للمعارضة، لحقّهم بالتصويت وإيماناً منهم بالمشاركة.

في زحمة الشعارات الحزبية والدعوة لإنقاذ لبنان الذين يريدون، يبقى كمٌ قليل من الشباب غير مهتم بهذه الإنتخابات ولا حتى بالسياسية اللبنانية. هؤلاء لا يجدون من يمثلهم.. "كلهم صورة عن كرسي سلطة". يرفضون الدخول في المزاد الانتخابي حيث "من يدفع أكثر يحصل على الأكثر". فرجالات السياسة في لبنان "مجموعة ذئاب تنهش بعضها"، ومن يعتبر نفسه مختلفاً لن يسمح له بالوصول، قافلة وستسير معهم او من دونهم. ولسان حالهم يقول: "عندما كان الجنرال عون في الخارج وسمير جعحع في السجن كان الشباب المسيحي موحداً في وجه السوريين، ومع عودة الكبار حلّت المأساة"..!
http://www.nowlebanon.com/arabic/NewsArchiveDetails.aspx?ID=92876#
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق