زحمة قوية تشهدها حديقة ميدان سبق الخيل (عفواً، الشوط الأخير ليس المناسبة)... مئات السيارات المركونة، صوت أطفال، حديث أصدقاء التقوا صدفة أمام بوابة المعرض...
تعبر محطة الدخول، تخترقك رائحة غريبة، تنقلك من عالم الزحمة اليومية والدخان الملوّث إلى عالم آخر استُحدث في هذه الحديقة. أولاد يركضون في الحدائق المتناثرة، في عيونهم فرحة تشعّ بريقاً، أصوات اختلطت في ما بينها. أينما تلتفت يشدّك لون يقع عليه نظرك... حركة في كل الاتجاهات الجميع يريد أن يبتاع شيئاً يزرعه في منزل تحوّل إلى منفيّ عن الطبيعة.
للسنة السادسة على التوالي، استقبل ميدان سباق الخيل "مهرجان الربيع" الذي تنظمه شركة Hospitality services. تحت أشجار الصنوبر التي تحمل رائحة لبنان، نُصبت خيم معرض الحدائق، وبعلم لبنان المصنوع من الزهور رحّب المعرض برواده. مهرجان هذا العام استمر خمسة أيام من 26 أيار إلى 30 منه، وكعادته لم يقتصر على عرض النباتات والزهور بل قدم كل تفاصيل ولوازم الحياة في الطبيعة.
فكرة مستوحاة من الدول الأوروبية، أضافت اليها السيّدتين جمانة سلامة ومريم شومان لمسة لبنانية بمضمونها وأهدافها. لبنان الأخضر قدمتاه كما تتمنيان في موعد يتجدد كل عام. قُدّر عدد الزائرين لهذا العام بالعشرين ألف زائر(ومنهم من أتى من بلدان عربية). زائر المعرض للمرة الأولى يُذهل لهذا الكم من البهجة والألوان، يتوقع أن يرى زهوراً بأنواع مختلفة ونباتات مصفوفة بصمت مستوحد، إلا أنه يفاجأ بأن بقعة الصنوبر التي تمكث وحيدة طيلة العام، تحمل لهذه الفترة من السنة عالماً آخر يكون الربيع فيه حاضراً بأبهى حلله، رائحته، وألوانه.
أكثر من 200 منصة توزعت على عدة أقسام: فن الحديقة والعيش في الطبيعة، البيئة والسياحة البيئية، وقرى الأطفال...
قسم "فن الحدائق" قدّم لهواة "البستنة" فرصة مشاهدة الزهور والنباتات (وبالطبع شمّ رحيقها وعطرها...)، وفرصة التعرّف على أنواع جديدة وأشكال مختلفة . تمكّن الزوار من طرح أسئلتهم على المختصّين في هذا المجال، واستمعوا إلى أفكار جديدة لتنظيم شرفاتهم الخارجية وحدائقهم الخاصة.
قسم "الحياة في الحديقة" تميّز بعرض الأثاث الخارجي والديكور الخاص بالحدائق والشرفات، شاركت فيه مؤسسات معروفة في في هذا المجال قدمت ابتكارات عصرية وأفكاراً ترضي كل الأذواق. إحدى المنصات عرضت وسادات كُتب عليها شعارات سياسية وأبرزها "زي ما هي والسما زرقا".
توزعت منصّات قسم "الحياة في الهواﺀ الطلق" بين مصممين وحرفيين قدموا آخر أعمالهم: تماثيل، لوحات، زجاجيات، شموع، زينة، وزوايا تراثية.. منصات اهتمت بالسياحة البيئية والرياضية في الهواء، وأخرى خُصصت لسوق الطيب ومنتجاته العضوية. تستوقف الزائر زوايا أخرى، مثل مكتبة متخصصة بكتب الطبيعة والحدائق، أو صندوق تبرعات للأطفال المصابين بالسرطان، أو لجمعيات خيرية.
عازف الأكورديون صاحب الابتسامة الدائمة والعزف المتنقل، تقابله من الجهة الأخرى مجموعة فتيات بفساتين ملونة يؤدين رقصة على وقع موسيقى عالية تعزفها فرقة كشفية من الشباب يتنقلون بين الناس.
"قرية الأطفال" مساحة ارتبطت بهذا المهرجان منذ بداياته، فرصة يحظى فيها الأطفال بأجمل الأوقات بينما يتجوّل أهلهم في المعرض. ألعاب مختلفة ترضي كل الأعمار، حلوى غزل البنات توزع مجاناً، بالونات بألوان متفرقة، وجوائز مختلفة عند كل جولة رابحة. للأطفال أيضاً نصبت خيمة بعنوان "حكاية شجرة" تجمع فيها الأولاد واستمتعوا بعرض دمى متحركة. وفي مناسبة "بيروت عاصمة عربية للكتاب" تم تخصيص جناح خاص بالقراءة نظمت من خلالها agenda culturel قراءة في الحديقة تخللها نشاطات متفرقة.
في اليوم الثالث، نظم مؤتمر Landscaping: arts and techniques روى فيه لوك بانولييه (Luc Behar-Bannelier) مدير الهندسة الزراعية في عالم ديزني، تجربة ديزني لاند. كذلك قام بعض الشبان بالرسم على الجدران بطريقة خاصة وأسلوب غربي. نُظمت مسابقة بعنوان "Champagne & Flowers arrangement for a garden party" شارك فيها 7 أشخاص تباروا في ما بينهم لتقديم أجمل سلة ورد. أما الحدث الأبرز فكان ابتكار جلسة جميلة لتمضية الوقت في الحديقة، وتحت عنوان "A Nap in the Garden" ابتكر خمسة مصممين استراحة صيفية في الحديقة حملت مزاجها ورونقها الخاص. جديد هذا العام تنوع بين استضافة نكهات الشاي الهندي، الحرف المصرية، وجناح خاص بالسياحة في ماليزيا.
مهرجان الربيع لوحة توقظ الحواس، إبداع في عالم يحتاج للعودة إلى الطبيعة، لخمسة أيام مضت عرفت بيروت متعة الحياة في كنف الطبيعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق