"مهرجان الربيع ومعرض الحدائق" فكرة سيّدتين لبنانيتين اختبرتا "فن الحياة في الحديقة" خلال دراستهما في أوروبا. حاولتا منذ ستة أعوام أن يكون لبنان البقعة الخضراء في الشرق الأوسط التي تحظى بمساحة خاصة من هذا الفن وتعيد للحياة نكهتها.

في ما يلي حديث أجراه فريق "الفن والثقافة" في موقع لبنان الآن NOW Lebanon مع السيدتين مريم شومان وجمانة سلامة... نحمله إلى قرائنا علّنا نساهم بدورنا أيضاً في تعميم "ثقافة الحياة في الحديقة".

تكريس لفن الحياة في الحديقة Art of living in garden. لبنان بلد الاخضرار والمناخ المعتدل واللبنانيون يمضون أكثر من 9 أشهر خارجا في الهواء الطلق. هذا البلد ينقصه الاهتمام بالطبيعة بعد أن طغت على ملامحه صورة الحجر والباطون. الفكرة التي يقدمها المهرجان ليست دخيلة على المجتمع اللبناني بل نابعة من قلبه. يجب إيجاد فرصة لتطوير الحياة في الطبيعة وحثّ الناس على ابتكار وتصميم حدائقهم الخاصة. راحة النفس تأتي بجلسة في الطبيعة... نحن وللسنة السادسة على التوالي، نسعى لتحقيق الحلم الذي يتطور شيئاً فشيئاً على أمل أن يتحوّل لبنان كله إلى حديقة هي في ربيع دائم.
المعرض باللغة الأجنبية بحكم أنها لغة العمل، لكن الدعوات وزعت باللغة العربية أيضاً. هناك فكرة مجلّة دورية متخصصة بشؤون الحدائق وقد صدرت المحاولة الأولى هذا العام The garden show & Spring Festival magazine، عدد ما زال "مبتدئاً" إلا أنه نقطة بداية في خطوة الألف ميل.

منذ العام الأول اخترنا ميدان سبق الخيل في بيروت بعد رحلة بحث طويلة. هذه الرقعة هي أكبر حديقة في العاصمة وأكثر الأمكنة تأهيلاً لاستقبال الحدث. حديقة شاسعة لم تدخلها الحضارة بوجهها الجامد. مساحة عذراء تتواصل مع الطبيعة من خلال أشجار الصنوبر العالية المزروعة فيها منذ عقود. في كل عام ولادة حياة جديدة في "حديقة الانتظار" تستمر من سنة إلى أخرى، مكان يتسع للجميع مهما ازداد عدد المشاركين والزوار.

التنظيم هو لشركة Hospitality services التي تعنى بتنظيم المعارض. فريق عمل متخصص من عشرين شخصاً يساعدنا لاقامة وانجاح معرض يجب أن يتفوق على نفسه كل عام. يبدأ العمل قبل ثمانية أسابيع من موعد الافتتاح... أفكار كثيرة مستوردة من الخارج لكنها تتناسب والكادر اللبناني (والطبيعة اللبنانية). كل عام يحمل جديداً. المشاركون في المعرض يختلفون بحسب المؤسسة التي يمثلون. هناك الشركات الكبرى التي تملك خبرة في المشاركة واعتادت على فكرة التواصل. وهناك الأفراد الذين يقدمون على مشاركات خجولة قد تكون الأولى...لا همّ، يجب دائما البدء من مكان ما. التصوّر الذي نضعه للمعرض لا يختلف كثيراً عن التطبيق، أما الغاية فهي تمثيل وتجسيد لبنان كما نحلم به.

الهدف الأبرز من المعرض هو إيجاد مكان واحد يجمع كل لوازم الحدائق والشرفات الخارجية، من الضروريات إلى أصغر وأدقّ تفصيل في الكماليات. مكان يجد فيه الزائر كل ما يحتاج اليه: يتسوّق، يستمتع بالمشاهدة، يتذوّق أطيب المأكولات، ويمضي وقتاً جميلاً مع عائلته... بدل الدخول رمزي (5000 ليرة للشخص الواحد)، الأولاد يدخلون مجاناً إضافة إلى أن كل فتاة تحمل اسم زهرة تحلّ ضيفة على المهرجان.
جميع المشاركين يقدمون أعمالاً، منتجات، أفكاراً تخص الحديقة وطبيعة الحياة فيها: مفروشات، حرفيات، إبداعات فنية، أدوات زينة، لوازم الحديقة وتسهيلات العيش فيها، طعام، حلوى، قراءة، كتب، ألعاب، موسيقى، رقصات ومعزوفات جميعها من مستلزمات التواصل مع الحديقة ولحياة أفضل فيها. للأولاد مساحة خاصة وللتراث أيضاَ. "لعبة البرجيس" المعروفة جداً في القرى خصص لها جناح للتدريب لمن يرغب في ذلك.

خمسون ألف دعوة تم توزيعها... زوار نلتقي بهم كل عام، ومنهم من يأتي من دول عربية مجاورة، وفي هذا دليل على نجاح هذا الحدث. المهرجان أثبت نجاحه


الحظ كان إلى جانبنا هذا العام. الوضع الأمني أفضل من العام الفائت والهدوء الذي عمّ البلد في الفترة الأخيرة ساهم كثيراً في إنجاح هذا المهرجان، "حملٌ وأنزل عن كاهلينا"... ايضا، المطر والهواء لم يزورا المعرض هذه السنة...المناخ كان لنا صديقاً خلوقا هذا العام بخلاف ما حصل معنا مثلا منذ عامين... وقتها بسبب المطر الغزير والرياح الشديدة، أجبرنا مراراً على تركيب خيم المهرجان لأكثر من مرة...الا اننا لم نُعلّق او نلغي المهرجان.
الزوار يأتونا بمشاكل أخرى، فالنظافة مطلب أساسي لا يحترمه الجميع، كذلك الامتثال للقوانين وإتباع النظام... وبعضهم تصوروا يدوسون الأزهار أو حتى يرمون الأوساخ أرضاَ.

عمل متعب، نحلم به كل سنة وعندما يتحقق يزرع ابتسامة في داخلنا... ابتسامة تؤكد لنا أننا حققناً جزءاً منا. سنتابع المسيرة حتى يصبح لبنان كله حديقة تُخزن الحياة لأولادنا. على الناس أن تهتم أكثر بالحديقة، أن تزرع وتهتم بالزهور فهي كائنات صغيرة بحاجة إلى رعاية، على الناس أن تختبر هذا الشعور.
مريم شومان تتمنى الاستمرارية ودائما ابتكار أفكار جديدة. تفرح بنوعية وكمية زوّار المعرض الذي سكبت فيه أحلامها. جمانة سلامة متعلّقة بحديقة الصنوبر هذه، تشعر بالحياة تدبّ فيها كل عام وكأنها على تواصل معها... هي تعرف متى تكون "الغابة" فرحة. الزوار بدورهم بدأوا يتحسسون ثقافة الاهتمام بالحدائق...وان ما زالت بعيدة عن مفهوم اللبنانيين... بدأوا ينتبهون أن الطبيعة لم يعد بإمكانها استهلاك ذاتها... عليهم هم منحها لفتة اهتمام كي تبقى.
http://www.nowlebanon.com/arabic/NewsArchiveDetails.aspx?ID=96807#
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق